الكتابةشرح القصائد

منهجية شرح الشعر والقصائد العربية.

نحتاج إلى تسهيل شرح القصائد العربية الأصيلة وعرضها بأسلوب حديث لتنتشر بين الناس. اليوم أعرض منهجي الشخصي في تنفيذ ذلك بأفضل صورة ممكنة وما الذي أفعله وأعرض رؤيتي في ذلك.

 

أولا: المعنى هو الأصل في كل الآداب.

 

أنا أؤمن أن المعنى أو الفكرة هي الأصل في كل أنواع الآداب، فقد وضعت القصائد أولا تنفيسا عن المعاني المحتبسة في صدور أصحابها. ونحن نقرؤها قبل كل شيء للمتعة الأدبية. للوصول إلى المعاني والإحساس بالمشاعر البشرية. فإذا كان المعنى صادقا وحارا من قلب صاحبه سيصل إلى قلوب الناس ويؤثر فيهم.

 بعد ذلك ننظر إلى اللغة، فإذا كانت رفيعة بليغة خرج الشعر بديعا مدهشا. واستحق أن يعيش ألفا وخمسمئة سنة مثل المعلقات. لأنه معنىً مؤثر قيل بلغة عالية.

أحيانا تقال القصائد أو تكتب المقالات لمجرد استعراض مهارات اللغة والبلاغة مع عدم وجود أفكار حقيقة. فيصطنعها صاحبها اصطناعا ولا يشعر بها في قلبه. يحب الإنسان الكتابة لمجرد الكتابة أو النشر لأنه يعطي وجاهة اجتماعية لكنه لا يملك ما يقول فعلا. فتخرج هذه الكتابات والأشعار باهتة وباردة ومتكلفة.

إذا شروط العمل المبدع المؤثر، أن يحمل معنى وفكرة قويين أولا، ثم أن يخرج بلغة بليغة ومحكمة، بهذا الترتيب.

الأدب يقرأ للمتعة والتأثر بالمعاني أولا.

 ورغم الأهمية البالغة للشعر العربي وعلاقته بتوثيق اللغة العربية وفهم معاني لغة العرب والقرأن الكريم. فالأصل أن القصيدة تقرأ لأجل الجمال فيها لأن الجمال مطلب في ذاته. ولا ينجذب الناس لها من أجل البحوث اللغوية أو التاريخ والثقافة.

وأنا صراحة لم أنجذب لها في البداية من أجل البحث في أحكام الفاعل والمفعول واستخراج الشواهد. ولا لأهمية القصائد في حفظ اللغة العربية. لم أكن أدرك هذه المعاني ولم أكن أقصدها، بل فعلت ذلك من أجل جمال القصة وروعة المشاعر، وكذلك خرجت القصائد من أصحابها. فلم يكن امرؤ القيس أو زهير أو عنترة يقصدون وضع سجل للغة العربية أو التاريخ، بل كانوا رجالا يخرجون ما في قلوبهم ببساطة بشكل بشري نتيجة أحداث تعرضوا لها في حياتهم. وهذا هو ما يطلبه قارئ الادب أولا.

ومن جمال الأدب أن الفوائد العلمية تتسرب مع القراءة وتتملئ بها في كل سطر. كالسحابة تأتي بالخير والمطر. تلفت اللغة العربية العالية في الألفاظ نظرنا، فنتوقفُ أمامها ونبحثُ في المعاني، ونلاحظ أحكام النحو والبلاغة في الجمل، فنتوقف ونعود إلى الكتب. ونرى وصفهم للبلاد والحيوان والعادات فنتعرفَ عليها. وتلفت قصصهم نظرنا إلى مواقع أو أحداث تاريخية فنبحث عن تفاصيلها. وهكذا فإننا نحصل الفائدة في الأدب بشكل جميل ممتع مباشر أثناء القراءة لا مقصودة بذاتها مثلما تعرض في كتب الصرف والنحو.

 

التأثير غير المباشر أقوى.

 

حتى في عصرنا الحالي. فإن أفلام السينما والروايات تبنى على عرض القصة أولا، تكتب قصة تفاعلية بما فيها من وسائل جذب ثم تضمن الأفكار داخلها على ألسنة الشخصيات أو طريقة ملابسهم أو خلفيات المشهد وكل مهارات التصوير، يتشرب المشاهد الأفكار وهو يستمتع بالعمل، وهكذا تتسرب الأفكار رويدا رويدا ويعتاد عليها الناس ويتقبلونها، ولو عرضت بشكل مباشر بما لا يتقبل المشاهد ولا يعرف لتركت الفيلم أو الرواية.

بعض الشراح لا يهتمون إلا باللغة.

بعض شراح الشعر لا ينظرون للقصائد إلا على أنها مصدر للغة والشواهد والمعاني ويهمل ما فيها من جمال وحياة. فيشرحونها تشريحا كأنها جثة تقطع على طاولة الدراسة. ولا يهمهم إلا استخراج الفاعل والمفعول والتشبيه والكناية، وهذه الطريقة تجعل الدرس ثقيلا على الطالب وتذهب حلاوة الأدب. كما أنها تتجاهل القصة والحياة الكاملة التي وصفها الشاعر في القصيدة.

لهذا أنا أركز على فهم المعنى ومحاولة إيصاله والاستمتاع به. وأثناء الطريق لابد لنا أن نتعرض للغة العربية بكل فروعها ونراها وهي مطبقة أجمل تطبيق بشكل عملي. فنعتاد عليها سماعا وفهما وتقبلا، وتلفت القصائد نظرك بشكل غير مباشر إلى أهمية الصرف والنحو فنعود إليهما. وهذه هي الثمرة.

 بعدما أوصلت لكم فكرتي الأساسية عن الاهتمام بالمعنى أولا، فهذه هي الخطوات العملية التي أسير عليها لإعداد الشرح وقد عدلتها بالتجربة والخطأ مع الوقت حتى أصبحت بهذا الشكل.

مراعاة سهولة الأسلوب واللغة.

أراعي في الأسلوب أن يكون مناسبا للمشاهد في عصرنا هذا. ومباشرا دون استطرادات لا تخدم الهدف. فإذا أطلت في مقطع ما فإنني أريد التأكيد على معنى مهم فيه، كما أحرص أن تكون اللغة مفهومة بشكل مباشر دون تعقيد. وأستعمل ألفاظا حية مستعملة. ومعياري هو أنني أصلا واحد من القراء العرب العاديين دون تخصص في اللغة العربية. فأنا ابن الحالة الثقافية المعاصرة و أعتقد أنني أفهم مستوى اللغة عند عموم القراء وطريقة تفكيرهم. وجعلت لنفسي معيارا هو أنك لن تحتاج إلى العودة للمعجم لتفسر الكلمات. واضعا في ذهني الجمهور الأساسي وهو المشاهد العربي الذي يتعرف على الأدب العربي لأول مرة أو من يعرف عنه القليل.

ولا يعني هذا أن الشرح مخصص للمبتدئ أو أنه عتبة لما بعده، ففيه ما يكفي في موضوعه وهو مناقشة هذه القصائد. بل يعني أن أسلوبه سهل يفهمه الجميع، وأنه مخصصة لهدف واضح: هو ما يحتاجه المشاهد في موضوعها المحدد الذي جئنا من أجله. مع تطعيم من فوائد جانبية لطيفة.

حسن تقسيم المواضيع.

أخصص مجلس القراءة للقصيدة نفسها. أما الزيادات والمواضيع الأخرى التي ربما يطلبها البعض. من القضايا اللغوية والفكرية أو التعمق في تحقيق النصوص ومناقشة المصادر والرواة وآراء العلماء والأوزان والبحور وقضايا الشعر. كل هذه مواضيع أخرى تتعلق بالشعر لكنها ليست في صلب مجلس قراءة القصيدة. لهذا نمر عليها مرا خفيفا، وسوف تقسمها في عناوين واضحة عندما نأتي لها.

اختلاف الروايات.

توجد اختلافات كبيرة في المصادر التاريخية والروايات داخل القصيدة الواحدة. بعضها حول الأبيات وترتيبها واختلافات حول كثير من الكلمات داخل الأبيات. وهو أمر يسبب الحيرة للقراء والشراح، سببه أن كثيرا من الشعر  نقل شفويا لفترة طويلة قبل أن يدون.

أنا لا أزعج القارئ بهذه التفاصيل لأننا لسنا في دراسات تحقيقية. فأذكر البيت بأشهر صيغة دون التطرق لاختلافات الروايات، لأن هدفنا هو الاستمتاع باللغة والأدب، لا أن نقارن بين مصادرها. أحيانا أنوه على مصدر القصيدة في البداية ثم إذا ذكرت بيتا من مصدر آخر فإنني أنوه عنه أيضا، لكنني أؤكد أن هذا ليس غرضنا الاول.
 
وكما تلاحظون أنا لا أذكر المصادر كثيرا وتأتي لي تعليقات أن أكتب المصادر، وفي الحقيقة فإن المصادر معروفة جدا ويمكن التنبيه عليها مرة واحدة والرجوع لها بكل بساطة، خاصة في هذا العصر. وهي شروح الدواوين المتعارف عليها والمعاجم، فأنا أقرؤها ثم أعلق عليها بطريقتي الخاصة.

ولو وضعت كتابا في المستقبل لن أملأ نصف الصفحة بالهوامش والمصادر. فلا أرى فائدة لذكر المصدر في كل كلمة وسطر كما تفعل بعض الكتب، لأن الأولوية عندي للانسيابية والاستمتاع باللغة والمعاني.

الأولوية لانسيابية الكتابة.

ورغم أننا جميعا نفهم أهمية المصادر من ناحية المصداقية وأغراض التحقيق. إلا أن كثرتها قد توحي بضعف الكاتب وعدم ثقته في نفسه. بعض الكتاب يملؤون الصفحة بالهوامش بوضع مصدر كل كلمة حتى معاني الكلمات. مع أنه يكون نفس المعجم أو الكتاب، يعيد التنبيه عليه مرة بعد مرة في الصفحة الواحدة. كأن الكاتب يخلي المسؤولية أو كأن أحدا يقف له بالمرصاد، أو أنه خائف من النقد فيملأ الصفحة بالهوامش. هذه الطريقة رغم أنها تكون مهمة للتوثيق وللأغراض الأكاديمية، إلا أنها تضيع سلاسة الكتابة وانسيابية النص.

تعريف بكل شاعر قبل قراءة قصائده.

أحاول الحديث عن كل شاعر قبل الشروع في قصائده. أتتبع قصته كما وردت في المصادر، ثم أعيد صياغتها بطريقة أركز فيها على استخلاص العبرة من نشأته وما الذي حدث معه وما الذي أثر فيه ليقول ما قال. وأقرأ شعره وما قاله بنفسه لنعرف عنه المزيد. فالقصائد نفسها مصدر أساسي لنتعرف على الشاعر وهو يحكي عن نفسه، مع تأمل لمحطات حياته والتقلبات التي شكلت عقليته وأسلوبه في الشعر. وأذكر أبياتا مفرقة من شعره لتكتمل الصورة.

حياة الشاعر مهمة جدا في فهم ما سيقوله عندما نقرأ القصيدة ودوافعه وظروفه. وتفسر كثيرا من الأبيات التي لم نكن لنعلم معناها لو لم نعرف حياة صاحبها. كما أنها ممتعة أيضا في نفسها ولا تقل فائدة عن القصيدة.

الحديث عن ديوان الشاعر.

عندما نتعرف على مشاهير الشعراء، خاصة أصحاب المعلقات. سأحاول تخصيص مقدمة للكتابة عن تراثه الشعري بأكمله إن وجد، ولن أكتفي بالقصيدة التي بين أيدنا. لأنها وإن كانت أشهر شعره فإنها قد تمثل حالة واحدة من حياته وقد يكون له جوانب أخرى. سوف نفهم أحداث حياته بشكل أشمل ونفهم موقع القصيدة منها. كما أنها فرصة للفت القارئ للقصائد الأخرى التي لا يكاد يعرفها أحد على أمل أن أكتب عن الديوان كاملا إذا توفرت فرصة لذلك.

 
وبالطبع نحاول التركيز على مناسبة القصيدة المعنية من خلال استقراءها لفهم موقعها من حياة الشاعر. ففهم السياق مهم جدا لتفسير كثير من الأبيات ولولا ذلك لغاب عنا معناها.

شرح مفردات الشعر:

حرصت منذ اليوم الأول على كتابة الأبيات بخط واضح وبالتشكيل لأنني عندما تعرفت على الشعر لأول مرة كنت أعاني صعوبة في القراءة وتصورت أن المشاهد سيكون مثلي. فكان هذا ركنا أساسيا وأنا أفكر في طريقة العرض.

بعد ذلك أبدأ في البحث عن معاني ألفاظ البيت. في البداية كنت ملتزما تماما بالمعاني التي أجدها في كتب الشرح من ابن الانباري أو التبريزي ولا أخرج عنها. لكن مع الوقت أصبحت أكثر تحررا وأبحث في المعاجم وأقلب الكلمة على وجوهها وأقرأ الشواهد، وأخرج بالمعنى الذي أفهمه دون التقيد بفهم الشروح. وقد أوافقها أو أختلف معها.

عدم فهم الألفاظ هو الحاجز الأول الذي يقف أمامنا لفهم الشعر العربي القديم، ولهذا أوليه بعض العناية. أبحث عن معاني المفردات كلمة كلمة في المعاجم وكتب الشرح، وأحتفظ بها في صفحات كاملة وأقلبها على وجوهها لفهم معناها الأصلي. فلكل لفظ معنى أصلي ثم له دلالات أخرى يكتسبها عن طريق التشبيه أو قياسا على معان أخرى مما يدرس في علم الدلالة. 

أختار من البيت المفردات التي أُقدر أن القارئ يحتاج معرفتها. أو للتأكيد على معنى بعض الكلمات الأخرى وإن كانت معروفة لأهميتها في البيت، مع ذكر أمثلة أخرى لاستعمال الكلمات وبعض مشتقاتها لتتضح دلالتها بشكل أفضل. 

وبما أن كثيرا من المفردات تحتاج إيضاحا، فهذا القسم يشغل حيزا من الوقت. لكنني أحرص على اختصاره وعرضه بشكل ممتع، ولو توفرت فرصة أوسع في عمل آخر لعرضت مزيدا من المعلومات النافعة عن معاني الكلمات وتصريفاتها ودلالاتها.

بعض الكلمات معروفة لكنني أذكرها للتأكيد على دلالتها وفهم أصل اشتقاقاتها. فقد يكون المعنى المعجمي واضحا للبعض، لكننا نريد تأمل أصله وتأثيره على كامل البيت. وقد تفوتنا الصور الجميلة والتشبيهات لأننا اعتدنا الكلمة وفاتنا كيف اشتقت من أصلها لتصبح بهذا المعنى. كما أن بعض القراء من الإخوة غير العرب قد يحتاجون معرفتها.

المعاني تتكرر في الشعر العربي.

وبعد فترة قليلة من معايشة الشعر العربي ستدرك أن الألفاظ ليست صعبة كما كنا نتصور. وأن العرب فقط يسمون الأشياء بكلمات أخرى تكرر كثيرا وسوف تعتاد عليها وعلى طريقة تعبيرهم. فالأمر أشبه بالانتقال من بلد عربي إلى آخر. تشعر بالارتباك مدة وجيزة ثم تعتاد طريقة حديثهم. وتكتشف أنها ليست مختلفة كثيرا كما كنت تظن.

عرض معنى البيت كاملا:

بعد إيضاح معاني الكلمات أعلق على البيت فأذكر المعنى الإجمالي بما فيه من لغة وصور وتشبيهات، وهو التأمل الأدبي الذي أتينا من أجله. وقد أضيف كلمة لحاصل المعنى: وأقصد به: الفكرة الأساسية التي أراد الشاعر التعبير عنها، فقد يدل البيت على حزن أو بكاء أو نحو ذلك.

فمثلا بيت امرئ القيس: كأني غداة البين يوم تحملوا … لدى سمرات الحي ناقف حنظلِ

سنبين معنى المفردات كلمة كلمة في السطور الأولى، ثم المعنى اللغوي، وهو تشبيهه لنفسه يوم رحيل أحبته واقفا تحت الشجر يقشر نباتا يسمى الحنظل.

ثم في سطر أخير قد أذكر (حاصل المعنى) وهو الفكرة الأساسية التي يريد التعبير عنها. وفي هذا البيت: المعنى هو البكاء الشديد وأنه لا يستطيع منع نفسه وهو يراهم يرحلون. وهكذا نفهم المعنى من جميع أطرافه.

هل نتقول على الشعراء ببعض المعاني التي لم يقصدوها؟

وقد يطرح سؤال، هل يتقول الشارح على الشاعر في بعض المعاني؟ وهل يحتمل ان الشاعر لم يقصدها وليس من حقنا أن نعبر عنها في الشرح؟

طبعا بعض هذا القول صحيح وقد يحدث. لكن عمل الشارح والناقد هو محاولة فهم النص كاملا بما في ذلك المعاني التي خرجت من الشاعر وربما لم يقصدها مباشرة لكنها موجودة، نتيجة فهم الناقد لطبيعة اللغة وطبيعة عادات العرب وغيرها من السياقات المساعدة.

فقد تستشعر الخوف أو الحنين أو الغضب في كلامه وتفهم سبب ذلك وإن لم يقصده مباشرة. لكنه موجود تشعر به لأنها معانٍ قلبية تشمل جميع البشر. كما تشعر المعاني في كلمات ابنك الصغير، لم يقصد الصغير بعض المعاني لكن الأم تفهم لأنها تفهم صغيرها.  

وفي النهاية أيضا علينا أن نتحلى ببعض التواضع وأن نعترف مقدما بالخطأ. وأن الشارح يتكلم بما يتهيأ له من حدود علمه وثقافته المختلفة عن صاحب الأبيات. لكن في نفس الوقت هذا أفضل كثيرا من مجرد النسخ واللصق من المصادر القديمة والخوف من إبداء الرأي الشخصي.

التسلسل القصصي وفصول القصيدة.

أحاول أيضا ربط معاني البيت مع ما يسبقه وما يليه كي نفهم تسلسل القصة. فأغلب الكتب تذكر البيت ولا تهتم بربطه مع تسلسل الأفكار في القصيدة. مع أن الأبيات متصلة المعنى وليست جزرا منفصلة، فهي قطع منسجمة ترسم معا إجماليا، وسوف يفوتنا الكثير إذا لم ندركه.

أجمع الأبيات المترابطة في حلقة واحدة قدر الإمكان لتبرز فكرتها ووظيفتها داخل القصيدة وارتباطها مع ما بعدها وما قبلها. كالحديث عن أبيات الغزل أو الرحلة أو توجيه الحديث لشخص وما إلى ذلك. وكل هذا يسهل الاستمتاع بالقصيدة كثيرا، وفي بداية كل حلقة ونهايتها أذكر تلخيصا سريعا لكل ذلك.

اللطائف اللغوية والتاريخية في الشرح.

أضمن لطائف لغوية انتقيتها وأنا أقرأ. وأحداثا تاريخية أو تعريفا بالشخصيات والأماكن حسب السياق لتزيد التجربة ثراء ولتخرج من الكتاب بقيمة مضافة. لكنني كما قلت في البداية لا أتوسع فيها كما تفعل بعض الكتب فينحرف الكلام إلى جهة أخرى. ولا أحول الحلقة لدراسة الإعراب والفاعل والمفعول، أو التشبيه وأنواع الاستعارة والكناية. ولا أكثر من الآراء النحوية والجدال فيها.

النحو واللغة بحر كبير وقد يشغل السامع أحيانا عن المعنى ويشتت الانتباه. بهذا أذكر فقط اللمحات اللطيفة التي تمر علينا ونحن نقرأ وهي تهديك لأهمية النحو والصرف واللغة، على أن أشرحهم لاحقا في عمل مستقل.

الشكل الحداثي للشرح والموقع والكتاب.

أراعي جودة الإخراج قدر الإمكان، في تصوير القناة وعمل الموقع، بما يسمح به الإنتاج الفردي داخل غرفة في المنزل.

 كما أحرص على ظهور الموقع والقناة بشكل حداثي ومستقبلي، حتى اختيارات الخطوط مؤخرا جعلتها تصميمات حديثة، ليعلم القارئ أن اللغة العربية لغة الحاضر والمستقبل ويتخلص من هذا الوهم أنها مجرد لغة تراث. فقد وضعت اللغة العربية في ذهن البعض على أنها لغة للدين والتراث القديم فقط، وأنها لا تصلح للمستقبل. وهذا موضوع ربما أتكلم فيه لاحقا لكنني أحرص على تأكيده بصريا بالتصميمات الحديثة على القناة.

 وفي المستقبل إن شاء الله إذا طرحت المعلقات في كتاب سأهتم بالتصميم والهوية البصرية وتصميم الكتاب بمظهر عربي حديث وبسيط. لأنني أرى الكتب العربية قديمة الطراز محصورة في زاوية معينة لها دلالة قديمة ولا تشجع القراء الجدد. فأوليت اهتمامي بتصميم يعبر عن دخولنا المستقبل بثقة تظهر قابلية اللغة العربية للتواجد ألف سنة قادمة.

في النهاية: أنا أهتم بالقصائد تقديرا للجمال فيها، أكتب فيها لمتعتي وفائدتي، فإنني أشعر بسعادة حقيقية ونشوة وأنا أستخرج المعاني من أبيات الشعر، وقد قرأت المعلقات وعايشتها فترة ثم أردت أن تشاركوني هذا الجمال وعبرت عنها كما فهمتها، وهي رحلة وتأمل، وليست مجرد تجميع للمقالات وتنسيق للمصادر، وكل القراء مدعوون ليشاركوني هذه الرحلة. قد نختلف في تفاصيل وقد لا تشاركني بعض الآراء، ولا أدعي أنني أصيب كل مرة،

كل ما أعدك به أن تخرج بمتعة كبيرة وإدراك للفوائد اللغوية والتاريخية والثقافية لهذه القصائد الخالدة، ويمكن أن تكمل مسارك الخاص، ويكفيني فخرا أنني عرفت البعض عليها وذكرت بها البعض الآخر.

محمد صالح

مدون وكاتب عربي، أهتم باللغة العربية وشرح الشعر والأدب العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي