
ما الذي يدفعنا لقراءة قصيدة شعرية أو رواية أدبية؟ اليوم نتحدث عن فوائد قراءة الأدب بوجه عام والشعر العربي بشكل خاص.
نحن ندرك الأهمية العلمية لدراسة الشعر والأدب من الناحية اللغوية والتاريخية. و نعرف علاقته والنحو وحفظ اللغة، كل هذه الفوئد حقيقية.
لكن العرب القدماء كانوا يجتمعون حول الشعراء ويحتفون بهم. كما يشتهر الكتاب وتزدحم أقسام بيع الروايات والقصص في معارض الكتاب لسبب آخر. وهو حب الإنسان لسماع القصص ومشاركة التجارب والمتعة الأدبية التي تنتابه من تخيل الوصف والمشاعر وتجارب الحياة. فلا يجب علينا أن ننظر إلى دراسة الشعر العربي كأنه دواء مر الطعم، نبتلعه رغما عنا من أجل الفائدة فقط، لأن الشعر أصلا فن رفيع ممتع. وله فوائد حياتية كثيرة إضافة إلى اللغة.
ما يقال على الشعر ينطبق أيضا على كل أشكال الأدب الأخرى. مثل الكتب الأدبية والمقامات والقصص والروايات والسير والأغاني الشعبية والمسرح وكل أشكال الفنون المكتوبة والمنطوقة. بل وحتى أشكال الفن الأخرى كالرسم والخط والزخرفة والبناء وطريقة الملابس. كل الوسائل التي يخرج بها الإنسان مشاعره ورؤيته للحياة هي شكل من أشكال الأدب، لأن الإنسان يعبر عن نفسه بصور كثيرة.
سأخصص الكلام بطبيعة الحال عن فن الشعر العربي القديم لأنه محل اهتمامنا. لكن ما سيقال ينطبق بطريقة أو أخرى على أشكال القراءة والآداب المختلفة.
مسمى الأدب عند العرب وغيرهم.
الأدب عند العرب مشتق من المأدبة: وهي دعوة الناس على الطعام، قال طرفة بن العبد: نحن في المشتاتة ندعو الجفلى … لا ترى الآدب فينا ينتقر.
فالآدب هو صاحب المأدبة، وتكون المأدبة عند العرب اجتماعا للقوم يجلس فيه الرجال فيناقشون قضاياهم ويعقدون المجالس للحل والعقد وأمور القبيلة. ولابد أن يتكلم الرجال في صدر المجلس، وأن يكون المتكلم فصيحا عاقلا كي يبين غرضه بوضوح أمام الحضور.
وفي المجالس يحضر الكبار من القبائل الأخرى والضيوف. فظهرت آداب المجالس وحسن استقبال الضيوف ومحادثتهم، ومن هنا اشتق المعنى: فالأدب هو السلوك الجميل العاقل الذي يتماشى مع الحكمة وكريم الأخلاق القويمة، والأديب هو المتصف بهذه الصفات.
أما عند الأجانب فالأدب مشتق من معنى آخر هو (literature) والتي تعني حسب أصلها اللاتيني، الكتابة بالحروف، أيَّ كتابة، فيقصدون به كل وصف لتجارب الحياة والإنسان أخلاقيا او غير أخلاقي.
وبهذا الفهم، فكل ما يعتري ذهن الإنسان من مشاعر ويوضع في قالب فني كالرواية والشعر داخلٌ في الأدب، تمييزا له عن الكتابة العلمية التي تعنى بالحقائق والوصف العلمي والارقام الدقيقة دون مشاعر أو انطباعات شخصية.
كلمة الأدب التي تستعمل اليوم تشير إلى هذا المعنى الثاني للكلمة، الكتابات الأدبية هي التي تختلف عن الأسلوب العلمي والتي تصف تجارب الحياة وغالبا تكون على شكل شعر أو سير ذاتية أو روايات.
وعند العرب فالأصل أنها ترتبط بالتهذيب ومكارم الأخلاق، والصورة الأوضح للتعبير عن ذلك هي الشعر، لأنه فن العرب الأول والأهم.
اليوم أشارككم الفوائد الحياتية التي يكتسبها الإنسان بقراءة الأدب والشعر.
1- قضاء وقت ممتع وتسلية حلال للرجل المهذب.
قراءة الأدب هي تسلية حلال لعقل للرجل المهذب، فإن نفس الإنسان لا تطيق العمل طوال الوقت، وحتى العبادات تشغل وقتا من يوم الإنسان تم يحتاج للترفيه والتسلية.
وذكرنا سابقا أن الجمال والمتعة تطلب لذاتها عند قراءة الشعر والأدب، وهي متعة عقلية حقيقة ككل المتع الأخرى بل وتتعداها، فبيت الشعر المحكم يثير رعدة ونشوة في جسد الإسان ويثير عروقه ودمه.
ما أحوجنا في هذا الزمن إلى مجالس أدبية يلتقي فيها الناس وتقرأ فيها عيون الأشعار والأدب العربي وغيره ويعلق الحضور عليها ويتبادلون أراءهم حولها، تقابل فيها الأفاضل ممن يشاركونك ما تحب ويقدرون اهتمامك، وتتعرف على غيرهم.
في مثل هذه المجالس يمنح الأدب فرصة للهروب الخيالي مع الشعراء وقصصهم ويقتلعك من حياة لا تشعر فيها بالاكتفاء، تقابل فيها أمثالك الفكريين، ممن يشاركونك نفس الهموم والأفكار وإن لم يشاركوك الزمان والمكان.
2- قراءة الأدب تخرج من ضغوط الحياة ورتمها الممل.
تضغط علينا طبيعة الحياة بصور كثيرة، من ساعات العمل الطويلة إلى المسؤوليات الملقاة على الإنسان. إلى الهموم التي تصيبه بسبب فقد الأحبة وتزايد العمر والضعف الذي يزيد مع الزمن.
ومهما كانت الأسباب، فإن الاختلاء بالنفس والاستمتاع بقصيدة أو قطعة أدبية يعني قضاء ساعة تجدد النشاط وتساعد الإنسان على بدء يوم جديد. كما أن الحياة اليومية تسبب نوعا من الوحدة، ربما يختلط الرجل مع العشرات كل يوم. لكنه وحيد لأنه لا يجد من يشاركه الأفكار ويأنس به، فيكون الأدب والشعر أنيسه.
أيضا حياة أغلبنا في الحقيقة رتيبة ومكررة ومملة، وتؤثر سلبا على الحالة النفسية. ما يحدث ويتكرر يوميا بحكم الواقع يصبح شيئا أبكم. الاختلاف هو الناطق، ولهذا يلفت الأدب انتباهنا لأنه يكسر هذه الرتابة ويتيح لك اختبار مشاعر وإثارة لا يمكن أن تعيشها في الحقيقة.
ترى في القصائد عوالم مختلفة، فتسافر وأنت في مكانك إلى البرية العربية القديمة. وترى الجبال والأودية والحيوانات التي يصفها امرؤ القيس وفرسه المهيب وتشم رائحة شوائه وتشعر بالمطر ورائحته. ويمكنك أن تختبر إحساس الحرب أو ألم الفقد أو قصة حب ملهمة.
وفي النهاية ستعيش مع القراءة تجارب وخبرات لن يتسنى لك أن تعرفها في حياتك اليومية. وربما تندمج مع هذه الشخصيات وتتوحد معها أكثر من الأشخاص الحقيقين في حياتك. سيصبح الشعراء رفاقك وستتمكن من مشاركة أفكار لا تجد من تشاركها معه في الحقيقة.
3- التأمل في ظواهر الحياة ومعايش الناس.
لا يمكن أن يعيش الإنسان ليأكل ويشرب ويعمل فقط ثم يمضي عددا من السنوات مدفوعا بغريزة البقاء ثم يموت. هذا أشبه بمن دخل قصرا كبيرا مليئا بالكنوز الذهبية والتحف. لكنه دخل من باب ومشى مباشرة عبر الردهة حتى خرج من الباب المقابل دون أن يلتفت لعظمة البناء ولأي شيء من الكنوز المعروضة يمينا ويسارا. لا يمكن أن يعيش الإنسان بهذه الطريقة ويجب أن تلفت الحياة نظره ويتأمل في معانيها ولو من حين لآخر.
التأمل هو التفكير الدقيق الهادئ في ظواهر الحياة والتفكير في مآلاتها. لذلك هو عملية طويلة من المعايشة والتفكير واستخلاص العبر. تحصل عليه بالقراءة والسكينة وإعادة التفكير حول الأمور، لا بالعيش السريع الخاطف.
كما أنه صفة خلقية طبيعية، بل هو عملية أساسية مثل الطعام والشراب، نتيجة العقول التي خلقنا الله بها وميزنا بها عن الحيوانات. التفكير حالة طبيعية بدليل أننا نحلم أثناء النوم ويقتحم عقلنا مساحات الخيال والأحلام التي لا يقدر عليها بالنهار.
ومن طبيعة الشعراء أنهم ينظرون في خلق السماوات والأرض، وينفعلون مع ظواهر الحياة ويفكرون كثيرا فيها. كثير من الأدب والشعر هو وصف محكم خرج من عقول رجال أذكياء يلاحظون ظواهر البيئة ومعايش الناس.
في الشعر الجاهلي نرى وصفا مفصلا للصحراء والسماء والأرض والأمطار والسحاب بانواعه وأنواع الحيوانات وصفاتها. وكيف يتأمل الشعراء في كل ذلك وينفعلون معه ويسقطون ظواهره على أنفسهم. نجد هذا عند كل الشعراء تقريبا
كما يوجد تأمل من نوع آخر هو ملاحظة معايش الناس وسلوكهم وحروبهم وسبل النجاة واستخلاص العبر حول الموت والحياة. نجد ذلك في شعر الحكمة عند زهير بن أبي سلمى وغيره، ونجده أيضا في التأملات الطويلة التي يجريها لبيد ابن ربيعة عن الموت والحياة.
4- الاطلاع على الحكمة وخبرات حياتية كثيرة.
يشتمل الأدب عامة والشعر العربي على خبرات حياتية كثيرة. منها ما تراه بنفسك من تسلسل الأحداث وتأمل الكلمات والمعاني. ومنها ما يبثه الشعراء أنفسهم من خلاصة حياتهم. وقد اشتهر الشعر العربي بشكل خاص بأبيات الحكمة التي يصوغها الشعراء ببراعة ويبثونها في قصائدهم مفرقة داخل الأبيات. أو على شكل قسم في القصيدة أو قصيدة كاملة، فالشعر العربي معروف بشكل خاص باب الحكمة.
ومن الخبرات الحياتية المهمة التي ينبغي على العاقل إدراكها: مدى الضعف البشري، عندما تتجول في قصص الآخرين تدرك مدى هشاشة حياة الإنسان وتأثره السريع بتغير محيطه. فإذا زالت عنه نعمة أو اضطر إلى مغادرة بلاده جزع واضطرب وذكر ذلك في شعره. وإذا أحس بالإهانة غضب كما فعل عمرو بن كلثوم، كل هذه المشاعر المتناقضة توصل إلى حقيقة أن الإنسان كائن ضعيف وزائل. فتصبح أكثر تواضعا وأقل حدة في الحديث مع الناس وإطلاق الأحكام المتسرعة.
كما ينبغي أن يتعظ الإنسان من قراءة سير الآخرين وحال الامم السابقة كي لا يقع في نفس الأخطاء. وهذا هو تراكم الخبرات والحكمة. فقراءة الأدب والتاريخ تعلمنا أن أغلب تصرفات الإنسان مدفوعة بالأسباب نفسها في كل زمان ومكان، وتحكمها طبيعة وقوانين بشرية. وبالتالي يمكن توقع الكثير منها، وكما قالت الحكمة العربية: العاقل من اتعظ بغيره، فالعاقل يرى أخطاء الآخرين ويأخذ العبرة والفائدة.
وأقول في هذه النقطة: أن كثيرا من الناس لا يتعظون من غيرهم ويصرون أن يعيشوا الحياة بأنفسهم ويعيدون الأخطاء. ثم يتعلمون من تجربتهم الخاصة. وربما تكون هذه طبيعة الحياة، لأنها في النهاية اختبار شخصي.
5- التعرف على الشعوب والثقافات الأخرى.
بينما ندرس المعلقات ونعزز ارتباطنا بثقافتنا العربية، يتيح لنا التنوع في الادب التعرف على الأمم الأخرى. وأنا أرى أن التعرف على شيء من آداب الأمم الأخرى ولغاتها أمران مهمان جدا في العصر الحالي، كي يوسع الإنسان مداركه و يفهم طبيعة العالم الحالية ويتأمل في الاختلافات بين البشر ويتعلم أسباب الحضارة عند الآخرين. وفي القرآن الكريم: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا.
نحن نعيش في عالم متشابك لدرجة لم يكن يتخيلها القدماء. وإذا بعث أجدادنا اليوم لظنوا الأمر نوعا من السحر. حيث تقع البرازيل أو اليابان على بعد لمستين على شاشة هاتفك، ويفصل بيننا وبينهم فقط عدد الكتب المترجمة في كل اتجاه. فالاحتكاك هائل ويحدث بين كل أمم الأرض ولا يمكن تجاهله
وكما أن التواصل فرصة للاستفادة فهو تحد للحفاظ على تراثنا لأن التأثير بين الأمم هو أمر واقع وبعضها يفرض نفسه فرضا. ولو تجاهلنا الامر فهناك من لا يتجاهل. وفي المرحلة التالية علينا أن نستفيد من هذا الواقع الجديد لنشر ثقافتنا نحن أيضا. علينا أن نشارك مع الآخرين مع عدم ذوباننا في هذا التيار وأن نعرض ما عندنا أيضا بقوة وثبات.
إذا أردت أن تعرف شعبا حق المعرفة، عليك أن تتعلم لغته. لكن بما أن اللغات كثيرة وتعلمها صعب فيمكنك أن تقرأ الأعمال المترجمة التي ترجمت إلى العربية وهي كثيرة، وهذا أمر قد جربته بنفسي.
التعرف على العرب من خلال الأدب.
وينطبق هذا الأمر أيضا على العرب القدماء، فنحن وإن كنا ننتمي إليهم، فإننا لم نرهم على الحقيقة بسبب تطاول الزمن. وللأسف أصبحنا غرباء عنهم تماما بسبب عوامل كثيرة، ونحتاج التعرف عليهم وإرضاء فضولنا عن طريق قراءة شعرهم وما ورد إلينا منهم.
من خلال الشعر نتعرف على العرب القدماء وحياتهم وعاداتهم. كطبيعة حياة التنقل بين الديار حسب مواسم المطر، ومظاهر الطبيعة وارتباط حياتهم الوثيق بها، من البيئة الصحراوية وحرارتها ومهاراتهم في مراقبة السحب ومعرفة أنواعها وأنواع الرياح وأسماء النجوم. كما نعرف تفاصيل من الحياة كأنواع الملابس وأصناف العطور التي وصفها امرؤ القيس. ونفهم بعض تفكيرهم كمقدار الفخر الذي يجده العربي في الإكرام وحب السيادة عندهم، وأسباب حروبهم وبعض عاداتهم السيء منها والحميد. كل هذه التفاصيل الدقيقة وغيرها الكثير لا يمكن التعرف عليه ومعايشته إلا بقراءة القصائد بتركيز والتأمل في كل كلمة ووصف فيها، فكأننا تعرفنا عليهم بالأدب.
6- اكتساب دماثة الخلق، والتفهم والبعد عن الغوغائية والغلظة في الطبع.
يجعل الأدب الإنسان أكثر فهما للحياة وتفهما لظروف الآخرين، وأكثر تعاطفا مع الضعفاء. لأنه يعلم أن ما يحدث معه من صعاب ليست أمرا خاصا به وحده. بل هي طبيعة الحياة وقد مر عليه في قراءته مآس أكثر مما يحدث معه بكثير.
كثيرا ما تندمج مع أبيات قصيدة، ثم تكتشف أنها تركت أثرا نفسيا في قلبك. أصبحت حواسك أكثر انتباها، ولفتت نظرك إلى جوانب لم تكن تعرفها في نفسك، ونبهتك إلى مظاهر الضعف البشري.
مثلا عندما تتقلب الدنيا مع امرئ القيس الذي كان أميرا ثم انقلب كل شيء حتى أصبح يحلم فقط بالنجاة. أو عنترة الذي ولد فوجد نفسه عبدا محتقرا في قبيلته. ولا يرضى عنه أحد مهما فعل، وإن اضطروا فعلى مضض. أو كمصيبة قيس بن الملوح الذي فقد الأمل في الوصول لحبيبته ليلى حتى جن عقله.
حتى إذا لم تبتل أنت بما يصيب الآخرين، تصبح على الأقل أكثر رقة وأكثر تفهما، وتحمد الله على حياتك. وإذا كنت من المصابين بمصيبة ستجد السلوان في معرفة أن هذا يصيب البشر. وأن ما حدث معك يحدث لكثيرين غيرك. فهذه ببساطة طبيعة الحياة
أثر الأدب على وجه صاحبه.
وتؤثر كل هذه التجارب على أخلاق الإنسان، فيظهر تأدبا في الحديث ومن هنا اشتق اسمه في اللغة العربية. فالأدب من التأدب في المجالس، كما يتجنب الصوت العالي والغلظة والفظاظة وإحراج الناس بالحديث وأخلاق الأسواق والشوارع. وتلك الظواهر التي نراها في الحياة الواقعية ومواقع التواصل.
هذا الملاحظة مهمة عندي بشكل خاص، فإنني أحب الحديث مع الرجل المهذب وإن كنت أخالفه. وأكره الفظ الغليظ وإن كان في صفي ويؤيد كلامي.
تظهر سيماء الأدب والتأمل فيه على وجوه أهله، ويمكنك فورا رؤية أثره على وجه الإنسان. فيكتسب الصوت الهادئ والوقار في النظرة والتحرك، والنظرة الثابتة وعدم المبالغة في ردود الأفعال فرحة وحزنا كما قال الشنفرى في لامية العرب: فلا جزع من خلة متكشف … ولا مرح تحت الغنى أتخيل.
وأنا لست حالما لأقول إن تعلم الأدب سيجعل السلام والحب يسودان بين الناس. فبعض أكبر المجرمين يقرؤون الأدب وكثير من المنشغلين بالأدب كما نرى في مواقع التواصل لا يتخلقون بما يقرؤون، لكنه بلا شك سيغير الكثير.
7- قراءة الأدب تزيد التفكير والذكاء.
الشعر العربي العالي من كلام الأذكياء ولا يخرج إلا أذهان متوقدة، فاللغة الأدبية ذات أفكار مركزة وذات طبقات واستعارات وتشبيهات. وتحمل النصوص عادة معانٍ كثيرة، لأن البلاغة العربية تقوم على جوامع الكلم، كلمات قصيرة محملة بمعانٍ كثيرة.
الغوص في معاني الكلام العالي وطريقة صياغة أبيات الشعر يحفزان الذكاء والتفكير وإدراك المعاني الأعمق للاشياء. لأنه كما قلت كلام لا يخرج إلا من أذكياء البشر وأكثرهم قدرة على التعبير. ويحتاج المرأ أن يجاريهم يفهم كلامهم، والاحتكاك بهم يوقد ذهن الإنسان ويصقل التفكير، فيتعلم ألا يكتفي بما تشاهده عيناه، بل يبحث فيما وراء النص. فينقب حتى يصل للمعنى والتشبيه المقصود، ويترافق مع ذلك متعة بالغة عند فهم المعاني، هي ثمرة التفكير في معنى البيت.