الكتابة

كيف تكتب كتابا بشكل ناحج؟

نصائح عملية لأفضل سبل الكتابة.

الكتابة ليس عملية سهلة، رغم أن البعض يظن ذلك، البعض يعدك أنك ستضع كتابا يحقق أحلى المبيعات في دور النشر ومعارض الكتاب إذا قمت بخمس أو ست خطوات يصفها لك، الأمر ليس بهذه البساطة، لكنني سأعطيك قواعد أساسية عليك أن تتبعها إذا أردت كتابة كتاب ناجح، وتتجنب نتائج ضعف التأليف، تركز هذه النصائح على مساعدتك لتكتب أفضل كتاب ممكن لتوصل به رسالتك.

 

المجموعة الأولى من النصائح هي إجراءات من واقع الخبرة المجربة عليك القيام بها، والمجموعة الثانية تتعلق بالكتابة نفسها.

 

1- جهز مكان الكتابة.

 

عندما تكون في بداية حياتك، لا يتوفر لك مكان خاص لتكتب فيه، يمكن أن تكتب على الأريكة في الصالة، أو على السرير الذي تنام عليه في غرفتك المشتركة مع إخوتك، لا توجد مشكلة، ويمكنك الذهاب إلى مقهى محلي أو مساحة مشتركة في أحد أندية الكتابة التي توفر لك بعض الهدوء، وفي جميع الأحوال، لا يمكنك ألا تكتب بحجة عدم وجود مكان، على الكاتب الجاد أن يعمل في أي مكان.

 

لكن مع الوقت وتوفر الإمكانيات، حاول أن تجهز مكانا يضمن لك العزلة والهدوء والخصوصية، وجهزه بأفضل شكل ممكن وبكل ما تحتاج، هذا الاستثمار سيعود لك بفائدة كبيرة مع الزمن، جهز المكان بالأدوات المكتبية، وبمكتب مناسب وكرسي مجهز لساعات طويلة من الجلوس، ويجب أن يكون الكرسي مزودا بساند للفقرات القطنية لأنك ستجلس عليه كثير، ولا تهمل عنصر الإضاءة، تحتاج أن تضيء المكان بشكل قوي لترتاح عينك، لأنك صحة العين أمر مهم جدا على المدى الطويل.

 

ملاحظة: لا تُفَصل المكتبة عند نجار شعبي مع الوعد بتوفير بعض النقود، لأن النجار يضع خشبا ثقيلا لكنه لا يعرف المقاسات المناسبة كي يظل ظهرك وأكتافك في وضع صحي، هذه المقاسات تتوفر عند المصنعين المعروفين، فلا ترتكب هذا الخطأ الذي وقعت فيه أنا.

 

2- رتب أدوات الكتابة.

 

جهز قائمة بكل الأدوات التي تحتاجها أثناء الكتابة وضعها في متناول يدك كي لا تضيع وقتا كبيرا في البحث عنها، تختلف هذه الأدوات من شخص لآخر، لأن كل شخص له طقوس مختلفة، فقد تكون مجموعة الأوراق اللاصقة على اللوح، أو ورق الطباعة والدباسة، أو المشروب الساخن والمكسرات، وحتى الوجبات الخفيفة التي يفضلها البعض، أيا ما تكون، ضعها بقربك كي تصل لها دون الانقطاع عن عملك وتشتيت تركيزك.

 

3- ابتعد عن الهاتف ومواقع التواصل.

 

ظهرت هذه المشكلة في السنوات الأخيرة، حيث أصبح الهاتف منافسا شديدا يستحوذ على تركيزك الذي يجب أن تبذله كاملا لعملك، أغلب الناس ينظرون إلى هواتفهم بشكل تلقائي كل بضع دقائق، حتى لو من باب العادة فقط.

لا يمكنك تخيل التشتت الذي تسببه مواقع التواصل على تركيزك في العمل إلا عندما تلتزم بالابتعاد عن هاتفك لفترة، حينها ستدرك كم الوقت والمجهود الذي كان يضيع، ضع الهاتف في وضع الصامت أو خارج الغرفة واطلع عليه مرة واحدة فقط كل ساعة أو ساعة ونصف.

والآن مع نصائح تتعلق بالكتابة نفسها، وسوف أضرب أمثلة من عملي الخاص كي تستوعب الفكرة. 

 

1- قسم عملك إلى أجزاء صغيرة.

 

وضع كتاب كامل مهمة شاقة بلا ريب، فلا تجعل هذا الأمر يوقفك، إذا كان هدفي أن أضع كتابا عن المعلقات العربية، فلا شك أنه سيكون كتابا ضخما، ربما يصل لألف صفحة، سأحتاج فيه للتكلم عن العرب وشعرهم ثم عن شعراء المعلقات واحدا واحدا مع قصائدهم، مع ما يتضمنه البحث من مقارنة مع الكتب القديمة وغير ذلك، ولو نظرت للكتاب بهذه الطريقة فربما لن تبدأ فيه.

 

الحل هو أن تقسم العمل لفصول صغيرة، وتعمل على كل فصل على حدة، هذا الكتاب الكبير يتكون من فقرات صغيرة متتابعة ثم صفحات تستطيع كتابتها حتى تنهيه، سوف تشعر بشعور الإنجاز المريح عندما تنتهي من كل فصل، وسيشحنك هذا لتكمل الأجزاء التالية.

 

2- ركز على فكرتك الكبرى.

 

يجب أن يحمل كتابك فكرة كبرى تكون مقتنعا باهميتها وتسعى أن تنشرها بين الناس، بحيث تستحق مجهود وضع كتاب لها، لم يعد هناك وقت ولا انتباه للكتب ذات الأفكار الجانبية الصغيرة أو قليلة الأهمية، وهناك أفكار كثيرة يمكن ضمها في عدة صفحات، فيمكنك وضعها في مقال.

 

انظر إلى الكتب الشهيرة حولك، ستراها تحمل أفكارا كثيرة ومركبة، في حالتي فكرتي هي الحفاظ على اللغة العربية وتقدير أدبها الرفيع، وما في ذلك من فوائد إجتماعية وثقافية، وهي فكرة كبيرة كما آمل، وتدفعني لتحمل الجهد وعرضها في كتاب.

 

ومادام نفس التأليف لديك حاضرا، وتحملُ صبرا وجلدا، فاكتب في شيء جديد، أو تناول موضوعا معروفا من زاوية أخرى وبمعالجة أكثر جدية.

 

تكرار الكتابة في نفس الموضوعات، بنفس اللغة والمحتوى وملء الصفحات بالأفكار التي أشبعت بحثا وكتابة ليس مما ينتظره القراء منك، ساهم في إنعاش الوسط الثقافي، وتجنب تكريس الرتابة والخمول.

 

3- حدد الخطة العامة للكتاب

 

يجب أن تكون عندك خطة ولو مبدئية للاتجاه الذي سيأخذه كتابك، وما المواضيع التي ترغب في وضعها به، لا تكتف بمجرد الفكرة الأولى، لأن الانجراف وراء فكرة مبهمة قد يقودك لاتجاه مختلف تماما عن، لهذا حدد الفكرة العامة لكتابك وكيف ستقولها، ضع عناوين الفصول التي تنوي كتابتها، وكيف ستختم الكتاب، وربما تجهز قائمة مبدئية بالمصادر.

هناك ظاهرة بين الكتاب تسمى (عقدة منتصف الكتاب)، عند هذه النقطة أو بعدها بقليل تراودك أفكار سلبية حول كتابك، وربما تتساءل إذا كانت الفكرة كلها سليمة من الأساس، وقد تحدثك نفسك بترك المشروع أو تأجيله،  وإذا أحسست أنت بالملل من مشروعك، فغالبا سيشعر به من يقرأ كتابك.

سبب هذا الشعور أن الحماس الأولي للمشروع يخبو بعد فترة، ولا يحصل الكاتب على شعور المكافأة الذي يحتاجه كل منا كي يستمر في عمل ما- وهي حاجة فطرية- لأنه لم يعرض على أحد بعد، فتشعر بثقله دون قطف حلاوته، وعلى كل حال، لا تترك مشروعك أبدا عند هذه المرحلة مهما كان شعورك، كتابة الخطة العامة تعينك على تجاوز هذه المرحلة، لأنك تعرف الاتجاه الذي تسير فيه، ويمكنك أيضا أن تدفع الملل عن القارئ بأن تضع بعض الفصول الشيقة في هذا الموضع إذا كان موضوع كتابك يسمح.

أيضا تفيدك الخطة العامة في التأكيد لنفسك، هل ترغب فعلا في وضع هذا الكتاب أم أنها مجرد فكرة عابرة؟ ضع لها فصولا واكتب أفكارا، وإذا وجدت نفسك قد كونت مخططا مكتملا أو شبه مكتمل، فأنت تستطيع إكمال هذا الكتاب، أما إذا وجدت نفسك تعاني لوضع الأفكار الرئيسية وأفكار الفصول، فهذه على الأرجح فكرة عابرة أو غير مكتملة حتى الآن، وعليك أن تتأكد من شعورك نحوها إذا كانت فكرة عابرة، أو تكمل التحضير والقراءة لتكون جاهزة فيما بعد.

وإذا وجدت أن فكرتك قد انحرفت إلى موضوع آخر وأعجبك الموضوع الجديد، فليس من الحكمة أن تحذفها لأنها انحرفت عن مخططك، غير المخطط لهذه الفكرة الجديدة مادامت أفضل، ولا شك أن مجرد وضع الخطة العامة يوضح الفكرة في رأسك ويساعدك على تحويل كتابك من مجرد فكرة إلى مشروع حقيقي.

 

من فوائد وضع الخطة أن المحرر أو دار النشر يطلب منك أخيانا أن تكتب ملخصا لكتابك ليحدد هل سيقبل به أم لا، خاصة إذا كنت كاتبا مبتدئا، لهذا عليك تجهيز هذه الخطة بأسماء الفصول لعرضها على من يطلبها.

 

4- حدد خطة صارمة للالتزام بالكتابة (تتضمن موعدا نهائيا للانتهاء من العمل)

 

هذا أمر مهم جدا خاصة للكتاب الجدد، لأنهم لم يتعلموا الالتزام الأدبي بعد، ولأن أغلبهم لا يملك ناشرا يطالبه بموعد للتسليم، فربما يؤجل عمله لما لانهاية، وأحيانا يتحايل الكاتب على الموعد النهائي الذي حدده لنفسه، تأكد ألا تفعل هذا واجعل التزامك حقيقيا.

ولتحديد الموعد بشكل عام عدد صحفات كتابك، 500 صفحة مثلا، ثم اقسم الرقم على عدد الأيام المتبقية، لتحدد لنفسك عدد الصفحات التي ستكتبها كل يوم، وربما تتغير هذه التقديرات مع المضي قدما في المشروع، وبعد كل هذا يقدر أن أقل من 10% من الكتاب يلتزمون بالموعد النهائي.

لا تقع في الخطأ الشائع أنك ستكتب عندما تجد الموعد المناسب للكتابة، يجب أن تضحي بساعة أو اثنتين من يومك للكتابة وأن تضحي بنشاط تحبه، يمكن أن يكون ساعتان من النوم، أو التضحية بوقت مباراة كرة القدم أو مسلسلك المفضل، ضع الكتابة في موضع الصدارة لأن هذا هو موقعها في حياتك.

 

5- قم بالأبحاث اللازمة

 

كل الناس يعرفون هذه المعلومة، يجب أن تكون خبيرا في المادة التي ستكتب فيها، لكن مع ذلك كثير من الكتاب يتجاهلون التعمق في البحث لأنهم يعرفون قدرا مقبولا من المعلومات في المجال، القدر المقبول لا يكفي، يجب أن تعرف الكثير في مجالك، ثم تقرر ما ستكتبه وما تتجاهله في كتابك، كي لا تفاجأ بالنقد القوي بعد صدروه ناقصا أو معيبا.

يجعلك البحث المعمق تظهر بمظهر الخبير الذي تُحترم كلمته في المجال لأنك تعلم أقوال الآخرون، لا مجرد انطباعات شخصية، لهذا إذا كنت سأكتب كتابا عن المعلقات أو علماء اللغة العربية، يجب أن أقرأ بشكل مكثف لأعلم ما الذي سأتكلم عنه، وعليك أيضا القيام بذلك في كتابك.

والبحث مهم أيضا في الكتابة الأدبية، إذا وضعت وصفا خاطئا للتاريخ أو للحقائق العلمية، سيبدو كتابك ضعيفا، مثلما وجدت كاتبا يصف عالما خياليا فيه صحراء حارقة تجاور أرضا جليدية، يريد أن يصف التناقض بين السكان فيهما، ورسم خريطة لذلك، لكنه نسي أنه يستحيل تجاور صحراء بجانب الجليد، ولن يستسيغ القراء هذا الضعف العلمي، حتى لو كانت رواية خيالية، لهذا إذا وصفت نباتا أو حيوانا أو معلومة تاريخية، يجب أن تضمن أنها صحيحة بالبحث المكثف الدقيق.

 

6- لا تستعرض بالبحث الذي قمت به

 

هذه نقطة في غاية الأهمية ولهذا جعلت لها رقما خاصا، بعدما تنتهي من بحثك، ربما تغريك المعلومات الكثيرة التي تعلمتها وتريد أن تضعها جميعا في كتابك، فهذا يظهرك متمكنا أمام القارئ، أليس كذلك؟

تذكر أن هدفك ليس استعراض المعلومات، بل استخدامها فيما يناسب فكرة كتابك فقط، البحث وسيلة لخدمة رسالة الكتاب، فخذ منه ما يتعلق بموضوع كتابك ولا تخرج عن ذلك. 

هذا الخطأ يقع فيه الكتاب المبتدؤون كثيرا، لأنهم يريدون إظهار قوة معلوماتهم ولا يهون عليهم حذف فقرة، كأنها تقطع من جلدهم، اجعل معلوماتك البحثية مثل التوابل الموزعة داخل كتابك، تثري المادة وتظهر ثقلك العملي، وعليك أن تضع المعلومة الصحيحة في مكانها المناسب.

 

7- ضع مقدمة مقنعة موجهه للقارئ.

 

لا يدرك أغلب الكتاب أهمية الصفحة الأولى، بل السطر الأول في الكتاب، إذا استطعت أن تضع مقدمة تجذب انتباه القارئ منذ البداية، فإنه على الأغلب سيواصل القراءة، البداية أيضا تحدد الجو العام للكتاب، ويستكشف فيها القارئ أسلوب الكاتب والألفاظ التي يستعملها ويقرر ما إذا كان سيواصل القراءة أم لا.

 

ولعل هذا يشبه ما نسميه في تراثنا العربي (براعة الاستهلال)، حيث ينجح الأديب أو الشاعر في جذب انتباهك وتحفيز حواسك منذ البداية ليضمن تفاعلك مع نصه، وهذا أحد أسباب بدء القصائد الجاهلية بأبيات غزلية يعبر فيها الشاعر عن حالته النفسية، لأن الغزل أقرب المواضيع إلى القلب وأكثرها بعثا للشجن، وبعد المقدمة الغزلية يشرع الشاعر في قول ما يريد، بعدما نجح في لفت انتباهك.

 

لا أطلب منك أن تبدأ كتابك بالغزل، لكن لاتبدأ بمقدمات تقليدية رتيبة وقوالب مكررة من التي توضع في كل الكتب، ابدأ بجملة مفاجأة، بيان قوي، اقتباس شهير يخدم الأحداث، مقولة فلسفية أو شاعرية، وسوف نتكلم عن البدايات القوية في موضوع مستقل.

 

8- ضع نفسك مكان القارئ.

 

جمهور القراء هم هدفك الأساسي، لهذا وجه الكتابة للقارئ، لا للناشر، ولا النقاد، ولا زملائك الكتاب، فكر دائما في جعل كتابتك مفهومة للقارئ العادي، فكر في كل جملة تكتبها وتخيل: هل يستطيع جمهورك المستهدف فهمها إذا عرضتها عليه؟ أم أنها موجهة أساسا للمتخصصين؟

ورغم بداهة هذه المعلومة، فإن أغلب الكتاب يفكرون في رد فعل النقاد والمختصين وهم يكتبون، لا القراء العاديين، وهذا ما يحدث في مجال كتابتي على الأقل (الشعر العربي واللغة) فتخرج مقالاتهم نسخة من الكتابات الأكاديمية ومحملة بالاقتباسات المكررة واللغة الرتيبة التي تسبب عزوف القارئ.

 

9- ضَمِّن كتابك عناصر التشويق والضغط النفسي والتوتر.

 

أثبتت التجربة أن القراء يتفاعلون مع النص الذي يجعلهم يتوترون، لأن ذلك يجعلهم يتشاركون التجربة ويعيشون المشاعر، وينفرون من السرد الهادئ الممل.

اعرض مشكلة واقعية تجعلهم يشاركونك أهمية الموضوع، وتقف كالعائق في طريق هدف الكتاب، كأن تذكر أن كثيرا من الناس يفهمون الأمر بصورة خاطئة أو لا يحيطون به علما، والأسباب التي تعيق انتشار هدفكما المشترك، أو تذكر رأي بعض المعارضين ذوي الأفكار الغريبة، (بشرط أن تكون هذه الأقوال موجودة فعلا وتمثل مشكلة) لا تختلق مشكلة من الهواء فقط لتكون صادما.

في حالة كتابي، فإن المشكلة هي عدم الالتفات للشعر الجاهلي في العصر الحالي، إذا عرضتها عليهم بشكل مؤثر  وحللت أساسبها فإنها ستلمس وترا في قلوبهم وسينفعلون مع الكتاب، فكر في الأمر وستجد مشكلة في الموضوع الذي تهتم به أنت وجمهورك.

ويمكن أن تخلق هذا التفاعل أيضا عن طريق إغراء القارئ بالفوائد التي سيحصلها من الكتاب ثم تقديمها له فعلا بشكل يرضيه، كالوعد بأن هذا الكتاب سيسهل عليه فهم القصائد الجاهلية التي تستعصي على أغلب الناس.

 

10- توقف عن مراجعة النص وأنت تضعه للمرة الأولى.

أغلب الكتاب يحاولون الوصول للإتقان في عملهم، وقد يكون عندهم رغبة في مراجعة كل كلمة، كأن هناك ناقدا داخليا يخبر كل كلمة في النص، قاوم هذه الرغبة في التصحيح عند كتابة النص للمرة الأولى، لأن هدف الكتابة الأولى هو أن تفرغ كل ما في نفسك أولا، وسيأتي ترتيبها وصقلها في مرحلة لاحقة، وكلما زادت الفترة بين الكتابة الأولى والمراجعة كان أفضل.

 

11- ضع خاتمة مرضية. 

 

إذا وصلت لنهاية كتابك، يجب أن يطول نفسك قليلا ولا تترك القارئ بمجرد الانتهاء من عرض كل ما في جعبتك، ضع له خاتمة ترافق تفكيره بعدما يترك الكتاب، ويجب أن تكون مفعمة بالمشاعر، ذكره بالعبرة التي عليه أخذها، أو بالفائدة التي حققها عندما وصل إلى هنا، اشكره وأخبره أنه أصبح شريكا لك في حمل مسؤولية الرسالة. 

وإذا كنت تكتب رواية عليك إنهاء الحبكة بشكل مقنع ولا تترك مصير بعض الشخصيات غامضا، ولا تبدأ وصف حدث أو مكان ثم تتخلى عنه، لأن القارئ سيتساءل وما الذي حدث هنا؟ وكيف انتهى الأمر بهذه الشخصية، ولن يكون راضيا إذا تركته بلا إجابة.

خاتمة الكتاب مهمة جدا لأنها خلاصة كل ما كنت تناقشه مع القراء، ولهذا حرص مشاهير الكتاب على إعطائها كل ما تستحق، يعرف عن الكاتب الأمريكي إرنست هيمنجواي أنه أعادة خاتمة إحدى رواياته 39 مرة قبل أن يرضى عنها.

 

12- يجب أن تكون مراجعا ذاتيا شرسا.

هذه أهم نصيحة تقريبا، وأكثر ما سيترك أثرا على كتابتك، الكتاب المغمورون يسلمون عملهم بمجرد الانتهاء منه، أما الكبار فيراجعون كتابهم مرات كثيرة جدا، يجب أن تراجع كتابك وعباراتك وتصقلها مرارا وتكرارا حتى تتأكد أنها أفضل ما يمكن.

الطريقة الموصى بها للمراجعة، أن تترك نسخة العمل فترة حتى تخرج من ذاكرتك القصيرة ولا تكن تحت سيطرة المشاعر التي كتبت بها، اترك النص شهرا أو اثنين ثم اقرأه، وسوف تنظر له هذه المرة بعين أخرى.

هذا لا يعني أن العمل سيصل للكمال أو أنك لا تحتاج إلى مراجع خارجي، بل يعني ببساطة أن تضمن أنك بذلت أقصى جهدك في عملك، لكن حتى لو استعنت بمراجع مستقل، لا أحد يفهم فكرتك مثل نفسك، بالطبع، المراجعة والتنقيح موضوع كبير يحتاج إلى مقال مستقل، سأضع رابطه عندما يكون جاهزا.

 

كانت هذه أفكارا مستقاة من خبرات حقيقة للكتاب، أرجو أن تقرأها بتمعن وأن تبدأ في تطبيقها، وسوف ترى أثرا أكيدا على عملك، وأتمنى لك النجاح في كتابك القادم. 

محمد صالح

مدون وكاتب عربي، أهتم باللغة العربية وشرح الشعر والأدب العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى