الكتابة

كيف تسوق كتابك لتضمن له الانتشار؟

أفضل سبل الدعاية لتحقيق المبيعات.

تأليف كتاب هو عمل مرهق جدا، قد يستغرق سنوات في بعض الأحيان، وبعد الانتهاء من هذه العملية الشاقة، فإن الكاتب يطمح في رؤية نتاج عمله وفكره يسير بين الناس، لكن بعض الكتاب ينتهون من كتابهم ثم يسلمونه لدار النشر وينسونه بعد ذلك، يلقون على الدار وحدها مسؤولية التسويق للكتاب لقناعتهم أن التسويق ليس وظيفة الكاتب، والواقع الذي نراه أن كثيرا من الكتب التي وضعها مفكرون وكتاب مهرة ينتهي بها الحال إلى النسيان بسبب عدوم وصولها للجمهور بسبب ضعف التسويق لها، ونحن الآن في عصر ينبغي على الكاتب أن يساهم في ترويج كتبه بنفسه وأن يتعلم شيئا من مهارات التسويق.

في هذا المقال سأعرض عليك خطوات عملية مجربة ليزداد انتشار كتابك بين الناس، وبالتالي تنتشر رسالتك وكما نأمل، لتحقق المقابل المادي و الرضا المعنوي الذي تستحقه.

بعض هذه الخطوات تبدأ حتى قبل وضع كتابك أو تسليمه لدار النشر، لأن التسويق عملية مستمرة وطويلة، ولا يجب أن تقوم بكل خطوة منها، بل عليك أن تختار ما يناسب طبيعة كتابك وطبيعة جمهورك المستهدف.

نجاح التسويق للكتاب.

هدف التسويق هو أن تلقي الضوء على كتابك لتحقيق انتشار مستمر ولو كان ضعيفا، فلا نريد أن يحقق الكتاب مبيعات قوية بعد الإطلاق مباشرة ثم ينسى بين الإصدارات المتلاحقة، كثير من أنجح الكتب لم تحقق مبيعات عالية في أيامها الأولى، لكنها استمرت في البيع والنمو على فترات طويلة حتى رسخت اسمها بين القراء وعالم الثقافة، إذا استمر اسم كتابك متداولا بين القراء واستمر في الظهور على مواقع التواصل ومجموعات القراءة فقد نجحت حملة تسويقك، عليك أن تتحلى بالصبر فالمنافسة شديدة، والعناوين التي تطرح سنويا في تزايد مستمر.

1- المحتوى هو الملك.

لا يخطر على بال الكثيرين أن الجودة العالية هي الخطولة الأولى لتسويق الكتاب، المحتوى كما يقال هو الملك، هذه الجملة تتردد بكثرة في عالم صناعة المحتوى المرئي والمكتوب، لهذا عليك أن تضع كتابا متقنا جدا بقدر ما تستطيع، إذا كان كتابا علميا، يجب أن يحقق الفائدة للقارئ، وإذا كانت رواية أو عملا أدبيا، يجب أن يكون ممتعا وأن يحمل رسالة مؤثرة في طياته، الكتاب المتقن يسوق لنفسه بنفسه بأقوى وسيلة للتسويق، وهي قوة الكلمة المنطوقة، عندما يعجب به القارئ فيوصي به لأصدقائه ويشاركه بين المجموعات، وينتقل الكتاب من يد إلى يد، القارئ السعيد يسوق لك كتابك دون جهد منك، وهذا هو أقصى طموح لأي كاتب.

كل الخطوات التالية في التسويق تصبح بلا جدوى تقريبا إذا كان الكتاب ضعيف التأليف مفككا أو مملا أو يحتوي على أخطاء لغوية وأخطاء في مادته العلمية، قد تفلح الدعاية والترشيحات في بيع عدد من النسخ ثم لا تلبث المبيعات أن تتراجع مرة أخرى لأنه لم ينل إعجاب الناس، لهذا اكتب أفضل عملٍ ممكن وخد وقتك كاملا.

2- تواجد فعال على مواقع التواصل.

لا جدال في أن الشهرة أمر مهم في هذا العصر، ولا أقصد السعي إلى الشهرة كهدف لذاتها، لكن يجب على الكاتب أن يكون معروفا بين جمهور القراء كي يعلموا أنه موجود أولا، ولكي تصل كتبه لهم ثانيا، الشهرة تقوي موقفك مع دور النشر الكبيرة، وتظهرك بمظهر قوي أمام الناس وتسهل تواصلك على جمهورك، هذا الجمهور هو الذي يشاركك الاهتمام ويتفاعل مع محتواك وبعضهم (وليس جميعهم) سيشتري نسخا من كتابك فيما بعد.

يجب على الكاتب أن يُكَون جمهورا على مواقع التواصل الاجتماعي، أحب أن أسمي العملية: (بناء منبرك الخاص)
المنبر هو الذي تقف عليه ليراك الناس وأنت تتكلم، وكلما كان أكبر كلما تعرف عليك مزيد من الناس، اكتب منشورات مفيدة في المحتوى الذي تنشط فيه، وشارك النقاش في المجموعات، ومع الوقت سيتجمع حولك المعجبون، وهؤلاء هم جمهورك المستقبلي، هذه العملية طويلة وتحتاج إلى وقت، لهذا يمكن أن تبدأ فيها حتى قبل أن تكتب كتابا، يكفي أن تكون عضوا نشطا في المجال.

ولهذا التواصل فوائد أخرى، فهو الذي يصقل قلمك بطريقة الصواب والخطأ، ويجعلك أكثر فهما للناس وما يريدون، ويقف بك على مواطن ضعفك فتعمل على تحسينها، ويكسبك الثقة في التعامل مع الناس ويكسر حاجز الرهبة معهم، وكل هذه فوائد لا تقدر بثمن.

لا تنظر إلى الجمهور كأرقام أو كزبائن محتملين، بل هم أصدقاؤك الحقيقيون الذين يشاركونك الشغف، لا تجعل منشوراتك دعاية وتوجيها للشراء فقط، ستكون هذه أنانية منك، وسيشعر الناس بعدم صدقها، اكتبها بمحبة ولتفيدهم بصدق حتى لو لم يشتروا، بعضهم سيشتري في النهاية وبعضهم سيكتفي بالمنشورات، وهذا جيد. 


مواقع التواصل كثيرة، ولا يمكن أن تنشط عليها جميعا، لا يوجد وقت أو طاقة لهذا، اختر ثلاثة منها وانشط عليها حتى تحقق الشعبية المطلوبة.

تختلف المواقع بحسب طبيعة المحتوى والجمهور المستخدم وتفضيلاتك الشخصية، هناك يوتيوب لصناعة الفيديو المعتاد، والتيك توك للمقاطع القصيرة الموجهة للشباب أساسا، وهناك انستاجرام للمحتوى المبني على الصور والمقاطع القصيرة، الفيسبوك للمنشورات والمجموعات الكبيرة، وتويتر للمدونات القصيرة، وهناك مواقع كثيرة متخصصة لمهن معينة مثل منتديات المصممين والرسامين كموقع بيهانس، عليك أن تعرف الموقع المناسب لك ثم تصمم المحتوى المناسب لكل منها، وهذه خطوة ستأخذ منك بعض الجهد والوقت.

أما أنا فاختياراتي الثلاثة فهي قناتي على يوتيوب للحلقات المصورة الطويلة، وموقع شخصي للتدوين، وصفحتي على الفيسبوك، هذه هي قنوات اتصالي مع الناس والقراء المحتملين، وعليك اختيار قنواتك الخاصة.

سوف أكتب مقالات خاصة عن إدارة وفوائد قنوات يوتيوب والموقع الشخصي للمدونات، وأشرح أهمية كل منها بشكل خاص، وسوف أترك رابطها بعد الانتهاء منها.

 

3- الدعاية عبر المشاهير. 

الدعاية عبر ترشيحات المشاهير هي وسيلة فعالة جدا في تسويق أي شيء، بسبب الشهرة والثقة التي يتمتعون بها، وعليك أن تستثمر ذلك إذا أمكن.

بعد فترة من النشاط على مواقع التواصل التي اخترتها لنفسك، ستبدأ ببناء علاقات فعالة مع النشطين في نفس المجال، وإذا كنت شخصا لطيفا ستتحول كثير منها إلى صداقات حقيقية، يمكنك حينها أن تهدي نسخة من الكتاب إلى أصدقائك المشاهير وأن تطلب منهم إبداء رأيهم حول الكتاب وكتابة ذلك على صفحاتهم ليراها متابعوهم، لكن هناك نقطتان في غاية الأهمية كي لا يتحول الترشيح عبر المشاهير إلى نوع من الخداع.

أولا: لا تتملق أحدا من المشاهير لتقيم معه علاقة صداقة قائمة على المصلحة، أقم علاقات مع المهتمين فعلا بالمجال ولتكن علاقة صداقة حقيقة مبنية على تبادل الآراء والاهتمام المشترك، ويجوز أن يكون الأصدقاء من خارج المجال، مع كون الصداقة مبنية على احترام حقيقي متبادل.

ثانيا: لا تطلب منهم أن يجاملوك بكتابة مدحٍ للكتاب، لأن هذا سيكون خداعا للقارئ وإهانة للأصدقاء أنفسهم، وسوف يدرك القراء أنها مجاملة بلا معنى، المطلوب أن يكتب انطباعه الصادق فقط كما هو بكل صراحة، واطلب منه أن ينشره على صفحته أو خذ منه صورة وانشرها على صفحتك.

هذه الطريقة فعالة جدا، لكن كي تنجح احرص على اختيار الشخص المناسب، بمعنى أن تكون له علاقة بموضوع كتابك أو قادرا على فهمه كي يكون رأيه مؤثرا، أرسل له الكتاب واتركه فترة كافية، ثم ذكرهم بكتابة التعليق، وحتى مع إعادة التذكير، لن يشارك الجميع، ولا بأس في ذلك، إذا كتب نصفهم ونشروا على صفحاتهم فإن هذا يعد دفعة كبيرة لك.

 

4- تصميم الغلاف والوجه الخلفي

الغلاف الخارجي هو أول ما تقع عليه عين القارئ عندما يلتقط الكتاب، وهو من أهم وسائل الجذب، لأنه ينشأ الرابط الأول مع القارئ ويوحي له بالحالة النفسية للكتاب.

يجب أن يكون مصمما بشكل شديد الإتقان على يد مصمم محترف، تقوم دور النشر عادة بتصميم كل ما يتعلق بالكتاب، من مراجعة وتنسيق والغلاف حسب طابعها الخاص مع مصممين تتعاقد معهم، يمكن أن تترك لهم كل المهام، لكن اطلب بشكل خاص أن تراجع تصميم الغلاف، ويجب أن يكون على أعلى مستوى ممكن ولو تطلب الأمر أن تتعاقد مع مصمم مستقل إذا شعرت أن تصميم الدار لا يرضيك.

الوجه الخلفي للكتاب مهم أيضا، ففيه يوضع مختصر وعرض سريع للمحتوى، يسمى باللغة الإنجليزية (blurb) ويراه القارئ عندما يقلب الكتاب، يحتوي على كلمات دعائية جاذبة تثير انتباهه، ويمكن أن يكتبها صاحب الكتاب بنفسه، أو تكون تقريظا يضعه كاتب زميل، أو اقتباسا من داخل الكتاب.


5- التواصل مع الجمهور عبر الندوات الثقافية أو البثوث المباشرة على صفحتك. 

يجب أن تقيم تواصلا فعالا مع جمهورك، بأن تنظم الندوات مع دار النشر أو بشكل مستقل، تكلم عن عملك والخلفيات المحيطة به، فإذا كان كتابك تاريخيا، أقم ندوة عن تاريخ الدولة العباسية مثلا، وكيف عرضت جزءا منها في كتابك، اسمتع إلى أسئلة الجمهور وتجاوب معهم، وربما تقوم بإجراء سحب على نسخة مجانية موقعة لأحد الحضور، يمكن أيضا أن تتواصل مع المجلات الأدبية المتخصصة وتجري لقاءات معهم، كل هذه النشاطات تخلق تواصلا مع الجماهير وتضعك دائما تحت دائرة الضوء.

6- تصوير بعض الحلقات الدعائية، حتى لو لم تكن لك قناة.

إذا كنت تملك قناة يوتيوب، اخرج عليها وتكلم في سلسلة حلقات عن كتابك، تكلم عن كل شيء، عن الفصول والمحتوى، وحلقة أخرى عن خلفية الأحداث وكيف طرأت فكرة الكتاب في رأسك وظروف الكتابة، دع الجماهير يعيشون التجربة كاملة معك، فالناس تحب عيش هذه الأجواء.

وإذا لم تكن تملك قناة فقم بتصوير حلقات في شركة دعاية لتعلن عن عملك وتنشره على صفحاتك، وحتى إذا كنت تخجل من الظهور بوجهك، ستقوم الشركة بعمل مقاطع مسجلة بالمؤثرات البصرية أو الرسوم المتحركة.

7- التعاون مع الكتاب الآخرين وصناع المحتوى.

حاول أن تجري لقاءات مصورة مع صناع محتوى آخرين أو من أصحاب قنوات اللقاءات الطويلة (البودكاست).

هناك قنوات كاملة تعمل بهذه الطريقة وسترحب بك ضيفا إذا جذب عملك انتباهها، حاول أن تتواصل معهم واظهر في هذه اللقاءات واعرض نفسك أمام جماهيرهم حتى لو طلبوا مقابلا مدفوعا. 

8- الدعاية المدفوعة 

تركتها في المركز الأخير لأنها يجب أن تكون بهذه الترتيب، لا تدفع أموالا لترويج أعمالك إلا بعدما تقوم بكل الخطوات السابقة. 

لا جدوى من دفع أموال للإعلانات إذا كان العمل ضعيفا، ستضيع الأموال بلا فائدة، أو ستحقق مبيعات متواضعة تتوقف مع توقف الحملة الإعلانية، وبعد وضع الكتاب المتقن الذي هو الخطوة الأولى، قم بعمل كل الخطوات التالية أولا، فلن تخسر شيئا، بعد ذلك يمكن أن تقوم بحملات إعلانية على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، أو بطباعة المنشورات والبطاقات بأشكالها المختلفة وتوزيعها في المعارض. الدعاية المدفوعة لها دور كبير بالطبع لكنها تؤتي بأفضل نتائجها إذا أتممت كل الخطوات السابقة بشكل صحيح.

تبقت هناك الإجراءات الأخرى التي يمكن القيام بها وربما أضيفها للمقال، إذا قمت بها جميعا ستزداد فرص نجاحك وسينطلق كتابك بين الناس وتحقق الرضا المالي والنفسي وتشعر بنتائج تعبك، بالتوفيق. 

محمد صالح

مدون وكاتب عربي، أهتم باللغة العربية وشرح الشعر والأدب العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى